سنن نبوية مهجورة يجب إحياؤها

سنن الرسول المهجورة: عودة إلى جذور الدين والتمسك بهدي النبي ﷺ

تعد السنن النبوية جزءًا لا يتجزأ من حياة المسلمين، حيث أن التمسك بها يعتبر من أبرز وسائل الاقتراب إلى الله سبحانه وتعالى. والسنن هي الأفعال والأقوال التي وردت عن النبي ﷺ، وقد تنوعت بين عبادات، معاملة مع الناس، وأسلوب الحياة بشكل عام. ومع مرور الزمن وتغير الأزمان، بدأ البعض يغفل عن هذه السنن أو يهجرها، مما أدي إلى غفلة عن الكثير من التعاليم النبوية التي يجب أن يكون المسلمون قدوة بها في حياتهم اليومية. في هذا المقال، سنعرض مجموعة من السنن المهجورة التي كان النبي ﷺ يمارسها وينبغي للمسلمين العودة إليها.

1. الوضوء عند دخول المنزل

كان رسول الله ﷺ يحرص على الوضوء عند دخول المنزل، وقد ورد في الحديث الصحيح: “إذا دخل الرجل بيته فليتوضأ، فإن دخل بيته ولم يتوضأ، ثم دخل عليه، فقال له: أيُّكما أسلم؟”. هذا التوجيه النبوي كان له أثر عميق في بناء بيئة طاهرة ومباركة داخل المنزل. ولكن في وقتنا الحاضر، غفل كثير من المسلمين عن هذه السنة المباركة.

إن الوضوء ليس فقط طهارة للبدن، وإنما هو تعبير عن التزام المسلم بنقاء القلب والنية. إضافة إلى ذلك، فإن هذه السنة تسهم في تحسين بيئة البيت، وتجعلها مليئة بالسكينة والهدوء.

2. استخدام السواك

كان النبي ﷺ يحب السواك ويعكف عليه حتى في أوقات خاصة كالصلاة. وقال ﷺ: “لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء”. مع تقدم الزمن وانتشار معاجين الأسنان، أصبح الكثير من المسلمين يغفلون عن هذه السنة. لكن في الواقع، السواك لا يقتصر على تنظيف الأسنان فقط، بل له فوائد عظيمة تتجاوز ذلك، حيث يساهم في تطهير الفم وتنشيط اللثة والمساهمة في الوقاية من الأمراض.

3. الجلوس على الأرض عند الأكل والشرب

في وقتنا الحاضر، نادراً ما نجد أحداً يجلس على الأرض لتناول الطعام كما كان يفعل النبي ﷺ. كان ﷺ يحب الجلوس على الأرض مع الصحابة لتناول الطعام، مما يعكس التواضع ويعزز العلاقات الاجتماعية بين الناس. إلا أن البعض قد يعتقد أن الجلوس على الطاولة هو الأكثر راحة، وبالتالي يهجر هذه السنة، في حين أن الجلوس على الأرض كان يشجع على التواضع والمساواة بين الجميع.

4. الدعاء عند رؤية شخص يحمل همًّا أو مشقة

كان النبي ﷺ يعبر عن تعاطفه مع الآخرين بطريقة مؤثرة، حيث كان يدعو للآخرين بالخير. وقد ورد عنه أنه كان يردد دعاءً في حالة رؤية شخص مريض أو يحمل همًّا: “اللهم عافه في بدنه، وعافه في دينه، وعافه في أهلِه وماله”. هذه السنة هي بمثابة تذكير لنا بأن الدعاء هو أحد أقوى أساليب مساعدة الآخرين في أوقات الشدة. ومع أن الدعاء لم يكن مهجورًا بالكامل، إلا أنه أصبح أقل ممارسة من قبل المسلمين في حياتهم اليومية.

5. السواك عند الاستيقاظ من النوم

من السنن المهجورة أيضًا استخدام السواك عند الاستيقاظ من النوم. فقد ثبت عن النبي ﷺ أنه كان يبدأ يومه باستخدام السواك فور استيقاظه، وقال: “السواك مطهرة للفم، مرضاةٌ للرب”. على الرغم من أن استخدام السواك في العصور الحديثة أصبح غير شائع بسبب وجود معاجين الأسنان، إلا أن هذه السنة لها دور كبير في تحسين نظافة الفم والحفاظ على صحة اللثة.

6. السير في الطريق مع ذكر الله

كان النبي ﷺ يذكر الله عند سيره في الطرقات، وكان يردد الأذكار مثل “سبحان الله” و”الحمد لله” و”الله أكبر” أثناء مشيه. هذه الممارسة تعزز الارتباط الروحي مع الله تعالى وتساعد على تطهير القلب من الشوائب. في العصر الحديث، مع انشغال الناس واستخدامهم للأجهزة الذكية، قلَّت العادة في الذكر أثناء السير، مما يفوت المسلم العديد من الفرص للتقرب إلى الله.

7. إطالة السجود

من السنن المهجورة في الصلاة، هي إطالة السجود. كان النبي ﷺ يطيل السجود في صلواته، حتى أن الصحابة كانوا يلاحظون طول سجوده مقارنة بالصلاة المعتادة. ويقول ﷺ في الحديث الصحيح: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء”. كانت هذه السنة تساهم في تقوية العلاقة بين العبد وربه، وتحقيق التواضع الكامل لله سبحانه وتعالى.

8. المصافحة عند اللقاء

من السنن الجميلة التي كان يحرص عليها النبي ﷺ عند لقاء أصحابه هي المصافحة. فقد ورد عن النبي ﷺ أنه كان إذا لقي أحدًا من أصحابه، كان يُصافحُه. وكان لهذه السنة أثر كبير في تعزيز الروابط بين المسلمين، حيث أن المصافحة تساهم في نشر المحبة والمودة بين أفراد المجتمع. لكن مع تطور وسائل الاتصال الحديثة ووجود التكنولوجيا، أصبحت المصافحة نادرة في العديد من المجتمعات.

9. إعطاء الطعام للفقير والمحتاج

كان النبي ﷺ يشدد على أهمية إطعام الفقراء والمحتاجين، ويحث على صدقة الطعام. ففي الحديث الصحيح: “من لا يُؤثِر الناس فلا خير فيه”. لم تكن مسألة إطعام الفقراء تقتصر فقط على الزكاة أو الصدقة، بل كان يعبر عنها بتقديم الطعام شخصياً ويدًا بيد. هذه السنة المباركة تهدف إلى تعزيز شعور المسؤولية المجتمعية، وتخفيف معاناة الفقراء.

10. إتباع الصلاة النافلة بعد الفريضة

كان النبي ﷺ حريصًا على أداء بعض الصلاة النافلة بعد الفرائض، مثل سنة الظهر وبعد صلاة المغرب. وكان يقول عن هذه الصلاة: “من صلى بعد المغرب ركعتين لم يمسه في ذلك اليوم شيء”. ولكن مع مرور الزمن، أصبحت العديد من السنن والصلوات النافلة مهجورة في حياة المسلمين، حيث أصبح الكثيرون يعتمدون فقط على الصلوات الخمس دون إضافة السنن التي لها تأثير عظيم على تطهير النفس ورفع الدرجات.

11. زيارة المرضى

كان النبي ﷺ يحرص على زيارة المرضى من أصحابه، وكان يذهب إليهم ويعبر عن دعمه ومواساته. إن زيارة المريض ليست فقط فرصة لدعاء الله له بالشفاء، بل هي أيضًا وسيلة للتقوية الروحية والاجتماعية بين المسلمين. وفي العصر الحديث، أصبح البعض يتجاهل زيارة المرضى في المستشفيات أو المنازل بسبب الانشغالات اليومية، ما يقلل من أهمية الروابط الاجتماعية في المجتمع.

12. المسح على الخفين

تعد سنة المسح على الخفين من السنن التي قد يتم تجاهلها بشكل كبير في وقتنا الحالي. كان النبي ﷺ يوصي بالمسح على الخفين أو الجوارب في أثناء الوضوء في حالة السفر أو وجود صعوبة في نزع الخفين. ولكن مع التطور في وسائل الحياة، أصبح البعض يهمل هذه السنة بالرغم من أنها توفر الراحة والمرونة في بعض الحالات.

الخاتمة

تظهر هذه السنن المهجورة أن المسلم قد يفقد جزءًا من هديه النبوي بسبب التغيرات التي تحدث في حياته اليومية. العودة إلى هذه السنن ليس فقط فائدة دينية بل هي تعبير عن التمسك بالتوجيهات النبوية التي لا زالت تحمل معاني عظيمة في حياة المسلمين. إن الاعتناء بهذه السنن لا يقتصر على الممارسة الفردية بل يشكل جزءًا من النهضة الشاملة التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع على حد سواء.